سلطة الطيران المدني تصدر بيانا حول قرار الامارات بإيقاف رحلات الطيران السودانية    القائد العام يشرف اجتماع اللجنة العليا للطوارئ وإدارة الأزمات بولاية الخرطوم – يتفقد وزارة الداخلية والمتحف القومي    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    لماذا اختار الأميركيون هيروشيما بالذات بعد قرار قصف اليابان؟    الدعم السريع: الخروج من الفاشر متاح    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    تشكيل لجنة تسيير لهيئة البراعم والناشئين بالدامر    هل تدخل مصر دائرة الحياد..!!    التفاصيل الكاملة لإيقاف الرحلات الجوية بين الإمارات وبورتسودان    بدء برنامج العودة الطوعية للسودانيين من جدة في الخامس عشر من اغسطس القادم    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    "واتساب" تحظر 7 ملايين حساب مُصممة للاحتيال    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    كلية الارباع لمهارات كرة القدم تنظم مهرجانا تودع فيه لاعب تقي الاسبق عثمان امبده    بيان من لجنة الانتخابات بنادي المريخ    رواندا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة لاستقبال ما يصل إلى 250 مهاجرًا    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    شاهد بالصورة.. بعد أن أعلنت في وقت سابق رفضها فكرة الزواج والإرتباط بأي رجل.. الناشطة السودانية وئام شوقي تفاجئ الجميع وتحتفل بخطبتها    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    تجدّد إصابة إندريك "أحبط" إعارته لريال سوسيداد    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    الهلال السوداني يلاحق مقلدي شعاره قانونيًا في مصر: تحذير رسمي للمصانع ونقاط البيع    ريال مدريد الجديد.. من الغالاكتيكوس إلى أصغر قائمة في القرن ال 21    "ناسا" تخطط لبناء مفاعل نووي على سطح القمر    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغبة زعيم الاتحاديين في الرئاسة سلمت الحزب لطائفة الختمية فكتب نهايته حلقة (2)
نشر في الراكوبة يوم 14 - 10 - 2013


- حلقة (2)
السيدان لم يتفقا على أي قضية إلا مخاوفهما من أن تطيح بهما زعامة الأزهري
الأزهري رئيس مجلس الدولة هدد البرلمان بالتظاهر ضده إذا لم يطرد نواب الحزب الشيوعي
( إلى من يهمهم الأمر سلام ) كانت بانتظار كل من يخالف زعيم الحركة الوطنية الرأي
خلصت في الحلقة الأولى من ملف الحزب الوطني الاتحادي(الأصل) إلى إن هذا الحزب جدير بان يفتح ملفه بتجرد وموضوعية لاستخلاص الدروس والعبرة منه لأنه الحزب الوحيد في تاريخ السودان الذي لاحت له الفرصة لأن يبنى السودان دولة ديمقراطية حيث إن الشعب أولاه ثقته في أول تجربة ديمقراطية بعد الاستقلال وليس هذا تقليلاً للأحزاب الأخرى بما فيها حزب الأمة الذي ولد نداً له وإنما لأنه الوحيد الذي كان مؤهلا لذلك وأهدر الفرصة الثمينة التي لاحت له وهو الذي انفرد بتكوين أول حكومة برلمانية ولأنه كان يملك فرصة التحرر من الطائفية ولم شمل كل الوسط في مؤسسة ديمقراطية لو أحسن الاهتمام بتكوينها لأسس حزباً في قوة حزب المؤتمر الهندي بعكس نده التقليدي الذي يعتبر حزباً ملكاً خاصاً لأسرة بعينها لا يملك أن ينفصل عنها وهذا حاله حتى اليوم.حقيقة بعكس الأحزاب العقائدية التي نشأت بعد ذلك وفق نظريات دكتاتورية.
وبالرغم من إن ايجابيات المرحلة الأولية من الحكم الوطني ارتبطت بقضايا هامة ترتبط بالتحرر من الاستعمار وعلى رأسها جلاء القوات الأجنبية والسودنة أي إحلال الوطنيين مكان الانجليز المستعمرين إلا إن هذا في تقديري لم يكن أكثر أهمية من إن الحكم الوطني يواجه مسئولية قضايا أكبر ترتبط بمستقبل السودان حيث إن مغادرة الانجليز كانت أمراً مفروغاً منه لان الاستقلال تحقق بالتراضي و برغبة وموافقة الشريكين المتنازعين في استعمار السودان وهما مصر وانجلترا وان كان الوجود المصري يعتبر ثانويا وعلى هامش الوضع بحكم إن مصر نفسها كانت مستعمرة.
هذه المسئولية الأكبر من الجلاء والسودنة رغم أهميتها فهي ليست الأولوية على حساب مهام حزب الأغلبية في أن يؤسس نفسه لحسم القضايا الإستراتيجية حتى يضع الأساس لدولة المستقبل الديمقراطية بان يصاحب قضايا الجلاء والسودنة برؤية وطنية متقدمة تضع فى حسبانها ضرورة وضع الأساس لبناء دولة سودانية ديمقراطية قادرة على معالجة أزماته المتوقعة والتي كانت واضحة لضمان مستقبل مستقر له وما كانت لهذه الأزمات أن تتفجر فيه لو أحسن التعامل معها حزب الأغلبية..
مؤسف جدا إن الحزبين اللذان انفردا بالوضع السياسي والذي يتمثل في الحزب الوطني الاتحادي صاحب الأغلبية ونده التقليدي حزب الأمة الذي يأتي في المرتبة الثانية مؤسف إن كلا الحزبين من البداية قدما نموذجاً سيئاً ومجافياً ومتناقضاً مع أي توجه لبناء دولة مؤسسات ديمقراطية بل انصرفا للصراع من اجل السلطة لهذا لم يكن غريباً أن نظل نبحث عن هذه المؤسسية حتى اليوم بل ومن المؤكد إن السودان تحت ظل التكوينات الحزبية الحالية من طائفية وعقائدية وبعد أن انهار حزب الحركة الوطنية الذي يمثل الوسط وأصبح غير مؤهلا لان تسوده مؤسسية ديمقراطية ما لم يخرج من هذه الدائرة.خاصة وان فترة الحكم الوطني الأكثر أهمية شهدت الكثير من النماذج للممارسات السياسية السالبة من جانب الحزبين وبصفة خاصة حزب الأغلبية الحاكم..
النموذج الأول قدمه حزب الأمة فلقد أشهر سلاح العنف في العمل السياسي منذ انطلاقة التكوين الحزبي حيث انه ما أن أدرك إن غريمه يتمتع بتأييد شعبي أكثر منه وبصفة خاصة في مناطق الوعي والمدن مما باعد بينه وحلم السلطة أشهر السلاح في العمل السياسي وقدم نفسه كحزب لن يتوانى عن تحقيق أهدافه بالقوة وسفك الدماء إذا لم يحققها عبر صناديق الاقتراع فكانت حوادث مارس الشهيرة التي لجأ إليها الحزب للتعبير عن رفضه لزيارة اللواء محمد نجيب رئيس مصر التي كانت تمثل برنامجا سياسيا لغريمه الذي يتمتع بأغلبية شعبية ويدعو لوحدة وادي النيل فكان أن انتشر أنصار الحزب الذين عرفوا يومها بأنهم رهن إشارة أهل البيت فعملوا سفكاً لدماء الأبرياء بالسيوف والحراب حتى انه لم يسلم من حرابهم احد قادة حزب الأمة نفسه الذي استشهد على يد الأنصار ثم تبع ذلك إن أصبح مشهد الأنصار بحرابهم مألوفاً في استعراض القوى في المناسبات السياسية.
كانت هذه بداية بذرة الفتنة ضد الديمقراطية التي زرعها حزب الأمة الذي اشتهر يومها رجاله بطغيان مشهد الحراب التي تحاصر شوارع الخرطوم في استعراض للقوة يلوحون بها للتعبير عن رؤاهم السياسية في بلد يفترض أن يؤسس لدولة مؤسسات ديمقراطية تحقق المضمون للاستقلال.
النموذج الثاني واراه شخصيا كان أكثر خطورة من مسلك حزب الأمة لأنه صدر عن حزب الأغلبية والحركة الوطنية الذي يفترض أن يكون على رأس مسئولياته كيف يؤسس سودان المؤسسات الديمقراطية الذي لو تحقق لطالت ديمقراطيته كل مناطق السودان بما في ذلك جنوبه وغربه وشرقه ولذوبت الديمقراطية العنصرية والجهوية والدينية منذ بداية مشوار الحكم الوطني فما ارتكبه الحزب كان خطأ استراتيجيا خطيرا بالرغم مما صحبه من تهليل لأنه حظي بقبول واسع عندما انقلب الحزب على برنامجه السياسي الذي دعي فيه لوحدة وادي النيل _ أي وحدة السودان ومصر- وحاز به أغلبية أصوات الناخبين .
نعم هو نموذج خاطئ بالرغم من انه حقق الاستقلال الذي نحتفل به حتى اليوم لأنه مثل سابقة خطيرة غير ديمقراطية امتدت آثارها السالبة حتى اليوم عندما قرر إعلان الاستقلال من البرلمان دون إجراء الاستفتاء حسب الاتفاق فالاستقلال كان تحت تلك الظروف لا محالة سيتحقق طالما انه أصيح يمثل رأياً عاما غالبا بسبب أحداث مصر وبسبب تهديدات حزب الأمة بمناهضته بالقوة ولكن رغم هذا ولغرس القيم الديمقراطية كان يتعين على حزب الحركة الوطنية أن يلتزم ببرنامجه الذي حقق له الأغلبية احتراما لقيم الديمقراطية ولوضع الأساس الصحيح لبناء المؤسسية الديمقراطية وان راى انه لا بد من التراجع عنه بسبب المستجدات كان يتعين عليه أن يقدم أول ممارسة ديمقراطية تغرس القيم الصحيحة للنظام الديمقراطي بان يعود لمن انتخبوه ليقولوا كلمتهم عبر صناديق الاقتراع وليصدر القرار من أصحاب الحق فهم الذين يملكون حق تغيير رأيهم في وحدة وادي النيل عبر صناديق الاقتراع وكانت كل المؤشرات تؤكد إنهم سيفعلوا ذلك إلا إن هذا لا يبرر إجهاض الديمقراطية إلا إن مخاوف قيادة الحزب من أن يتبع ذلك فقدانه للسلطة لغريمهم حزب الأمة دفع بهم لان يسجلوا هذا السابقة التي وضعت منهجا قامت عليه كل الأحزاب من بعده لا يقوم على احترام الديمقراطية وهو ما تعانى منه البلد حتى اليوم لان الحزب لم يدرك انه بهذا المسلك إنما شيع التجربة الديمقراطية قبل أن تولد وكان بيده أن يحقق أفضل نموذج لها الأمر الذي كان سيحقق أفضل النتائج للممارسة الديمقراطية إلا انه لم يفعل ذلك وهانحن منذ أن شهدنا هذا النموذج نعيش واقعا لا يمثل أي التزام بالقيم الديمقراطية والقيادات تتقلب في مواقفها وفق إرادتها ومصالحها دون اعتبار لأصحاب الحق والكلمة.ولم نشهد حزبا أو حكومة رجعت للشعب وبحرية تامة .وتستحضرني بهذه المناسبة سابقة حزب العمال الانجليزي عندما حقق أغلبية مكنته من تكوين الحكومة وفق برنامجه الذي دعة فيه لتأميم الشركات وتوسيع القطاع العام ولما وجدان أغلبيته لا تمكنه من تنفيذ برنامجه الذي التزم به أمام الناخبين وأولوه ثقتهم بموجبه قرر العودة للناحبين تعبيرا عن عجزه للوفاء بما وعد به وعاد للحكم وفق أطروحات جديدة بأمر الأغلبية التي جاءت وفق رؤى ليس فيها مشروع التأميم وهكذا احترم إرادة الناخبين تأكيدا للقيم الديمقراطية إلا إن الحزب الوطني الاتحادي يومها اثر قادته ألا يغامروا بالعمل على زرع القيم التي تؤسس لمؤسسية ديمقراطية لان العودة للناخبين قد تفقدهم هذه الأغلبية لغريمهم حزب الأمة الذي كان ينادى بالاستقلال ويفقدون بذلك السلطة وهكذا علت الرغبة في السلطة على مفاهيم وقيم الديمقراطية وهذا هو الذي أصبح اليوم الثقافة التي تقوم عليها كل الحركة السياسية السودانية حيث أصبحت السلطة هدفا في ذاتها.
وبهذه الخطوة المناهضة لقيم الديمقراطية حاد الحزب الوطني الاتحادي منذ بداياته وهو يقدم نفسه للأغلبية التي أولته ثقتها وهو يؤكد لها إنها ليست صاحبة الكلمة ولو انه رجع إليها لتضاعفت ثقتهم فيه لما يقدمه من دليل بان هدفه ليس السلطة ولا ستقطب بموقفه هذا العديد من المؤيدين من خصومه الذين سيكبرون له موقفه هذا.
لهذا كان عليه أن يعلن موقفه صراحة بالعودة لأصحاب الحق والكلمة فان حالت أي ظروف أو اعتبارات دون عودته للسلطة فانه يكون قد كبر حجمه لدى مريديه لأنه قدم نموذجا في احترام الديمقراطية ولنفى عن نفسه التهافت للسلطة التي أصبحت ديدن كل الأحزاب اليوم ولكنه لم يفعل.
لهذا لم يكن غريباً أن يظل حزب الحركة الوطنية خارجا عن قيم الديمقراطية في مسيرته الطويلة حتى اليوم وليس غريبا أن نشهده اليوم وقد أصبح حزبا ممزقاً أشلاء وقطعاً لا هوية لها غير الصراع من اجل السلطة ويكفى أن نرى اليوم عدد الأحزاب الاتحادية المسجلة لدى مسجل الأحزاب لرغبتها في السلطة.
ولهذا أيضا لم يكن غريبا أن تتسم المرحلة الأولى للحكم الوطني أن يبدأ حزب الحركة الوطنية مرحلة التمزق بعد أن أرسى عدم حسم الاختلافات في الرأي بالمؤسسية الديمقراطية وان يبدأ قطاع منه أول بادرة في الانقسام عنه لغياب المؤسسية الديمقراطية بعد أن تمحور الصراع في زعامة الحزب بين الزعيم السياسي الأزهري وبين راع الحزب زعيم طائفة الختمية وهو الصراع الذي أدى لانشطار الحزب لحزبين ليفقد بهذا الأغلبية البرلمانية بسبب غياب المؤسسية الديمقراطية التي يحتكم لها الطرفان فكان أن أدى ذلك لفقدان حزب الحركة الوطنية الأغلبية وليندفع حزب الشعب الديمقراطي المنشق عنه تحت رعاية طائفة الختمية ليقدم نفسه حليفا متواضعا أمام خصمه التقليدي حزب الأمة تحت مباركة زعيمي الطائفتين اللذان لم يشهد لهم التاريخ أن اتفقا على موقف موحد إلا أنها جمعت بينهما هذه المرة مخاوفهم التي تضاعفت من نمو زعامة الأزهري التي تهددتهم بسحب البساط من مراكز قواهم ويفقدهم أي أمل في السلطة فكان أن اجبرا على التحالف وهما لا يملكان أي أسس للتحالف لعدم وجود أي توافق بين الطائفتين بل يختلفان في كل القضايا ويتفقان في المطامع في السلطة فالتقيا في شراكة غريبة تفتقد أي مقومات للبقاء لولاء كل طرف منهم لطرف من طرفي الاستعمار لموالاة حزب الأمة لانجلترا وموالات حزب الشعب الديمقراطي لمصر فكان أن تفجر الخلاف بينهما عندما صعد الشريك الأكبر في الاتلاف الحكومي منهما موقف قضية حلايب مع مصر التي بلغت مرحلة الإشهار بالقوة لاسترداد حلايب والتي صعد قضيتها حزب الأمة ضد عدوه التقليدي مصر بينما مصر هي حليفة شريكه في الحكم الذي يرفض أي تصعيد ضد مصر وفى ذات الوقت اتجه حزب الأمة نحو الغرب الذي يضمر كل العداء لمصر حليفة شريكه وأصر على أن يقبل المعونة الأمريكية بكل شروطها المجحفة التي تخضع الدولة لأمريكا لهذا كان من الطبيعي أن تنهار الشراكة بين العدوين واللذان لم يكن لهما من دافع جمع بينهما إلا الفرصة التي لاحت لحزب الأمة بأن ينتقص من أغلبية الحزب الوطني الاتحادي الذي فشل في أن يؤسس حزباً مؤسسياً ديمقراطياً يحفظ له وحدته.
ذلك كان ثاني خطا تاريخي يرتكبه الحزب الوطني الاتحادي والذي أدى تلقائيا لقلب الطاولة ليصبح الحزب صاحب الأقلية هو الموجه للأحداث مستغلا النزاع غير المؤسس بين شقي ما سمى بحزب الحركة الوطنية بعد أن هيمن عليهما صراع الزعامة والسلطة ولم يكن الخلاف بينهما حول برامح ورؤى وطنية حول مستقبل السودان وإنما الدوافع الشخصية.
ويا لها من مفارقة كبيرة وخطيرة تمثل فيها النموذج الثالث لأخطاء حزب الحركة الوطنية التاريخية حيث انه وبالرغم مما عايشه من سلوكيات الطائفة في انقلاب نوفمبر وبالرغم من انه لاحت لجماهير الحزب الوطني الاتحادي أن تقول رأيها فيما دار من خلافات وانقسامات عندما لاحت لها الفرصة لتحكم بينهما عبر صناديق الاقتراع فإنها وبلا تردد انتصرت للقيادات الوطنية بزعامة الأزهري التي رفضت يومها الانصياع لمطامع زعامة طائفة الختمية والموالين لها لتهيمن على الحزب فنصرت حزب الحركة الوطنية على المنشقين عنه يوم حققت له أكثرية المقاعد البرلمانية مقارنة مع حزب الشعب المنشق عنه وبهذا قالت كلمتها وكتبت النهاية لطائفة الختمية و لو إن الحزب صمد يومها على هذا الموقف بعد أن انحازت له الأغلبية الاتحادية غير الخاضعة لنفوذ الطائفية لضمن الحزب الوطني الاتحادي القاعدة الشعبية الوطنية ومكنها من أن توجه ضربتها القاضية لطائفة الختمية التي هزت أركان الحزب وبل لحسمت طائفة حزب الأمة بعد أن يكون الحزب فرز الكيمان بين حزب الحركة الوطنية والطائفية التي يتقلص نفوذها كلما اتسعت دائرة الوعي ولكن الخطأ الاستراتيجي الثالث والأكثر خطورة إن زعيم الحزب والذي نصرته القاعدة على المنشقين وحققت له تفوقا واضحا لو انه استثمره لبناء حزب مؤسسي ديمقراطي مبرأ من عباءة طائفة الختمية التي قالت قاعدة الحزب فيها رأيها الحاسم بالرفض لأصبحت للحزب الكلمة العليا في نهاية الأمر لا محالة إلا انه ولرغبة زعيم الحزب الأزهري في السلطة وطموحه في أن يرأس أول جمهورية سودانية ولكي يفوت على حزب الأمة الذي مكنه الانقسام من أن يحقق مقاعد نيابة تتفوق عليه فانه ومن اجل عودة الأغلبية لحظيرته تراجع واسلم أمر الحزب من جديد لطائفة الختمية بعد أن قبل التوحد معها تحت مسمى الحزب الاتحادي الديمقراطي طمعا في المكاسب قصيرة المدى واغفل كيف إن الظروف أتاحت لحزب الحركة الوطنية الفكاك من أي ارتباط بالطائفية ليعد المسرح له تماما بالإطاحة بكلتا الطائفتين في مستقبل لن يكون بعيدا حتى لو فقد السلطة لفترة لن تكون طويلة إلا انه غلب السلطة على المكاسب الوطنية وها هو حزب الحركة الوطنية تتفكك أوصاله تماما تحت ضربات الطائفة التي أسلمها أمر الحزب وأنقذها من أن يمحوها التاريخ من الخارطة السياسية ومكنها من أن يصبح الحزب أداة في يد الطائفة حتى ورثها زعيم الطائفة اليوم الذي ورث زعامتها عن والده والذي عرف كيف يتعظ من مما اسماها أخطاء والده والذي كان يرى انه الذي مكن الأزهري من زعامة للحزب عندما قبل أن يكون بعيدا عن سلطة القرار مباشرة وارتضى أن يكون راعياً شرفياً حتى عرف عنه مقولته الشهيرة في تبرير سلوكياته الاقصائية لكل من ينتفش ريشه ليصبح رقما في الحزب بقوله انه( لن يقع في الخطأ الذي وقع فيه والده ولن يسمح لكائن كان أن يرفع رأسه رقماً في الحزب غير أبناء الأسرة) ويعنى بذلك إن والده مكن الأزهري من زعامة الحزب عندما زهد فيه وقبل أن يكون راعياً ا بلا سلطة وهو ما لن يسمح به السيد محمد عثمان الميرغني بعد أن ورث والده في الحزب وقد تحقق له ما أراد .
وكان قد سبق مسلسل انهيار حزب الحركة الوطنية موقفا لا يقل خطورة عندما أقدم حزب الأمة الذي ضاق طعم السلطة بسبب تفكك حزب الحركة الوطنية ولخوف حزب ألامه وزعيمه يومها عبدالله بك خليل الذي كان رئيسا لوزراء الحكومة الاتلافية عن حزب الأمة لخوفه من أن يلتئم شمل الحزب الوطني الاتحادي بعد أن انهارت حكومة العدوين التقليديين فأقدم على إقحام الجيش السوداني في السلطة وحوله لمؤسسة سياسية انتقاما من أن تعود السلطة للحزب الاتحادي إذا ما توحد ضد حزبه في حكومة اتلافية بين الحزبين الشقيقين فأقدم على تسليم السلطة للعسكر في انقلاب نوفمبر وليكتب بهذه الخطوة إفراغ الجيش من مهامه القومية ليصبح طرفا سالبا في حسم الصراعات السياسية ,
وهنا ومع إعلان انقلاب نوفمبر وتسلم العسكر للسلطة بسبب فض الشراكة بين زعيمي الطائفتين ولغرابة الأحداث التي شهدها السودان فان زعيمي الطائفتين اللتين فضا الشراكة بينهما لعدم وجود أي لقاء فكرى يجمع بينهما ولأنهم كما قلت لم يلتقيا ويجتمعا في حكومة واحدة إلا لمخاوفهما من أن يطيح بزعامتهما الأزهري لذي بدا قائداً وطنياً ورمزاً لا يمكن التشكيك فيه بالرغم من سلبياته التحى دفع ثمنها نفسه بما في ذلك حياته فالمفارقة إن كلا الزعيمين واللذان فضا الشراكة لما بينهما من عداء فإذا بهم يسارعان ويصدران أول بيان لتأييد استيلاء العسكر على السلطة وإذا كان هذا متوقعا من زعيم طائفة الأنصار الذي اسلم حزبه السلطة للعسكر طواعية فانه ليس مألوفاً أن ينضم زعيم طائفة الختمية لزعيم حزب الأمة الذي اسلم حزبه السلطة للعسكر بسبب خلافه معه وفض الشراكة مما يؤكد إن انضمام زعيم طائفة الختمية وتأييده للانقلاب ليس له من مبرر غير خوفه من زعامة الأزهري وهو ما اشتهر ببيان السيدين فكيف لهما أن يجتمعا ثانية في هذا الموقف وقد فضا الإتلاف بينهما لعدم التوافق في الرؤى ولكنهما وكما قلت بدءا دافعهما للإتلاف كان من اجل سد الطريق من أن تطيح بهما زعامة الأزهري ولان انهيار الإتلاف يعيد الكرة لملعب الأزهري مرة ثانية فلم يكن إمامهما إلا أن يلتقيا في تأييد تسليم السلطة للعسكر طالما إن هذا يحرم الأزهري من تطوير زعامته التي تتهدد مكانتهم وهكذا فعلو وهكذا حققوا ما خططوا له إلا إنهما بتسليم السلطة للعسكر وتأييدهما ببيان من الزعيمين كان المسمار الذي شيعوا به نعش الديمقراطية في السودان وهذا ما وثق له السيد محمد احمد محجوب القيادي بحزب الأمة وقتها عندما أعلن في كتابه الطريق للبرلمان ( أن بيان السيدين بتأييد انقلاب نوفمبر هو نهاية الديمقراطية في السودان) وصدق فيما ذهب إليه وتاريخ السودان الحديث في 69 و89 يؤكد هذه الحقيقة مع العديد من الحركات المسلحة التي شهدها السودان من اجل السلطة وفشلت وراح ضحيتها المئات من أبناء الوطن.
إلى الحلقة القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.