اتحاد الكرة يدخل في الأزمة الثالثة مع الفيفا خلال عام واحد وذلك لسبب بسيط أن القانون واللوائح كلما تصدر تحكمها المصالح الضيقة لأصحاب القرار عند إصدار القانون. كما أن العامل الثاني في تفجر الأزمات ينبع من أن كل الأطراف المعنية تنظر إليها بعين المصلحة الخاصة يؤكد هذا ما نشهده اليوم من تعامل مع قرار الفيفا حول تمثيل اتحاد الخرطوم بعضو واحد شأنه وكل الاتحادات المحلية فصنف القرار كأنه لعبة انتخابية مع أن رأي الفيفا عرف قبل أن يتفجر الصراع بين المجموعتين الفاشلتين، مما غيب النظرة القانونية والموضوعية التي أملت على الفيفا اتخاذ هذا القرار. ثانياً وقبل أن أفصل في الأزمة فلكم هو غريب أن نشهد أن هناك من يرى أن حسم تمثيل اتحاد الخرطوم مرهون بقرار الجمعية في اجتماعها القادم فإن كان الأمر كذلك فلماذا إذن كانت هناك أزمة بسبب عدم إجازة الفيفا للنظام الذي أجازته الجمعية نفسها وتسبب عدم إجازته في إبطال الجمعية التي انعقدت لرفض الفيفا انعقادها لأنها ترفض النظام الذي أجازته الجمعية أن كانت لها الحاكمية، ولماذا تفجرت الأزمة إذن إذا كان قرار الجمعية يعلو الفيفا، ولماذا تفجرت الأزمة إذن؟؟ مما يؤكد أن قرار الفيفا هو الذي يعلو قرارات الجمعية لأنها السلطة الأعلى، لهذا كان يتعين على الوسط الرياضي أن يتعامل مع هذه القضية بعيداً عن لغة المصالح والصراع بين الكتل الحالية المتصارعة خاصة أن هذا ليس اتحاد بلاتر حتى يتواطأ مع مجموعة الدكتور. حقيقة علينا أن ندرك أن الفيفا لا شأن لها أو سلطة للتدخل في الهيكل الرياضي الذي نص وفق القانون السوداني على تمثيل كل الاتحادات المحلية في عضوية الجمعية بمندوب واحد وهو ما نص عليه النظام الأساسي، ولكن الفيفا فوجئت بأن اتحاد الخرطوم (وهو لا يختلف وفق رؤيتها القانونية عن بقية الاتحادات المحلية) فوجئت بنص خاص يمنحه حق النمثيل بأكثر من عشرة ممثلين وهو ما لا يجدون له أي مبرر، بل يشكل تناقضاً معيباً في تكوين الجمعية، لهذا قررت تحقيقاً للعدالة والمساوة أن يمثل بعضو واحد شأنه وبقية الاتحادات المحلية وهو قرار استهدف تحقيق العدالة والمساوة بين أعضاء الجمعية من الاتحادات المحلية خاصة وأن القانون ليس فيه ما يميز اتحاد محلي على آخر حتى يبرر هذا القرار. إذن قرار الفيفا قائم على أسس منطقية لعدم وجود أي تمييز بين اتحاد محلي وآخر فالعضوية مكتسبة لكل الاتحادات المحلية على قدم المساواة، وهذا ما يتوافق مع مبادئ الفيفا في ترسيخ قيم الديمقراطية لهذا كان رفضها لهذا التمييز. ولكن لابد لنا هنا أن نتوقف مع موقف اتحاد الخرطو الذي راح يطلق في التهديدات ويعلن الحرب على قرار الفيفا لما يراه من ظلم في حقه وهو فيه ظلم بالفعل، ولكن قرار الفيفا مبرر وصحيح وأن الحق ظلم لاتحاد الخرطوم الأميز بين كل الاتحادات المحلية لأسباب منطقية إذ كيف تكون ولاية الخرطوم الأقل تمثيلاً في الجمعية العمومية عن كل ولايات السودان الأقل أهمية ووجوداً في ساحة كرة القدم، مما يؤكد أن للخرطوم كولاية قضية وليست كاتحاد محلي وأنها وإن كانت لا تستحق أن تميز كولاية تحقيقاً للمساواة بين الولايات إلا أنها لا يمكن أن تكون الولاية الأقل تمثيلاً، مما يلحق بها الظلم وعدم الاعتبار، حيث تمثل بأقل عدد مقارنة بكل ولايات السودان. ولكني أرى ما لحق بالخرطوم من ظلم لا تسأل عنه الفيفا أو تحاسب عليه وإنما سببه مخالفة قانون الرياضة 2016 لدستور السودان 2005 وهو الأعلى حاكمية، حيث نص على أن السودان دولة لا مركزية وأنه قسمه لولايات متساوية في الحقوق والواجبات مما يعني أن تكوين الاتحاد العام دستورياً لا يمكن أن يقوم على تمثيبل المدن والقرى في النظم المركزية، حيث أن التمثيل حصري على الولايات مع تأكيد المساوة في التمثيل بين كل الولايات إلا أن العلة تمثلت في مخالفة قانون 2016 للدستور عندما أقحم البرلمان في اليوم الأخير لإجازته للقانون الذي لم يشمل مشروعه في كل مراحله التي امتدت لأربع سنوات لم يشمل أي تمثيل للاتحادات المحلية في المركز ولكنه في آخر جلسة له منح الاتحادات المحلية حق الوجود والتمثيل في المؤسسة القومية المركزية ولم يراعي لا مركزية الحكم وسلطة الولايات التي أمن عليها الدستور. لهذا فإن قضية ولاية الخرطوم التي يجب أن تتصدى إليها لرفع ما وقع عليها من ظلم مخالف للدستور أن تبلغ البرلمان عدم دستورية ما أجازه في قانون الرياضة، حيث كفل تمثيل الاتحادات المحلية في التنظيم المركزي وأنه كان عليه في هذه الحالة أن يقصر حق هذه الاتحادات المحلية في أن تنتخب ممثلاً واحداً للولاية في جمعية الاتحاد العام وأن لم يصحح البرلمان قانونه حتى يلغي تمثيل الاتحادات المحلية في الجمعية العمومية للاتحاد العام حتى يقتصر التمثيل فيها لمثلي الولايات بجانب أندية (الدرجة الممتازة التي يفترض فيها أن تستوفي شروط الفيفا الاحترافية باعتبارها أندية تنتمي لاتحاد قومي، وهذا ما أمن عليه دستور السودان بعد أن أمن على لا مركزية الدولة كما أن النظام الأساسي للاتحاد العام كان عليه أن ينص على ممثل واحد أو أي عدد متساوي لكل لولاية في الجمعية، وأن يتم انتخاب ممثلي الولاية من الاتحادات المحلية بالولاية إذا لم يكن هناك اتحاد للولاية التزاماً بحاكمية الولايات حسب دسور السودان وهذا ما يحقق العدالة والمساواة بين كل ولايات السودان. إذن قضية اتحاد الخرطوم ليست منازعة الفيفا في قرارها وإنما في ما تسببت فيه مخالفة قانون 2016 للدستور ولاتحاد الخرطوم الطعن في القانون أمام المحكمة الدستورية إن لم يصحح البرلمان قانونه ليتوافق مع الدستور الذي أمن على سلطة الولايات وليس سلطة المدن والقرى ومنظماتها لأن الحاكمية الأعلى للدستور وبهذا لا يشكل موقفه أي مخالفة للقانون كما أن الالتزام بدستور السودان يحقق المساوة في التمثيل في الجمعية لممثلي الولايات.