* في صبيحة الثلاثين من يونيو 1989م جئ بوزير الإسكان الأستاذ عثمان عمر الشريف إلى المعتقل بمباني البحوث العسكرية.. «التوجيه المعنوى حالياً».. إلى الغرب من مسجد القوات المسلحة وهو يرتدى «سروال وعراقى ساكوبيس وينتعل سفنجة..والسكرى منشف ريقو».. هذه كانت المرة الأولى التي أراه فيها.. وفي منتصف التسعينيات إستضفته في برنامج حوار سياسى بتلفزيون الجزيره بمدني.. حيث لا يشاهده أحد.. فكانت هى المرة الثانية.. وقابلته بعد ذلك لماماً في اللقاءات التي كان يعقدها السيد الرئيس ببيت الضيافة مع قادة العمل السياسى خاصة بعد توقيع إتفاقية القاهرة.. دخل السيد عثمان الشريف حكومة القاعدة العريضة وزيراً إتحادياً للتجارة الخارجية يمارس صلاحياته في هدوء وفقاً للسياسات المعتمدة من قبل الحكومة .. ويرجو أن يضيف بخبراته الواسعة لبنةً في بناء الجمهورية الثانية.. أو سودان ما بعد الإنفصال.. ثم يمضي نحو شيخوخة هادئة إن مدَّ الله في الأيام. * طالعت في صحيفة (آخر لحظة) الغراء وعلى صدر صفحتها الأولى يوم الجمعة أمس الأول «وثائق» هى مذكرات داخلية من السيد الوزير للسيد الوكيل «بتصاديق» مالية إختار لها الوزير المرور من خلال «الدورة المستندية التي تحكم الإجراءات المالية.. «الوزير يخاطب الوكيل.. الوكيل يحيل الأمر للإجراء.. المدقق أو المراجع الداخلى يُبدي رأيه.. الإدارة المالية تتبَّع توجيهات المراجعة..» أين الخطأ إذن.. تقول الوثائق إن الوزير صادق لسكرتيرته الخاصة والتى تعمل بمكتبه منذ سته أشهر بلا مقابل.. هب أن هذه السكرترة الدكتورة كريمته أوقريبته.. ولأي وزير الحق في إختيار من يعملون معه.. السكرتارية.. المكتب التنفيذي.. أو السائق الخاص.. هل يعني ذلك أن يقوموا بالعمل بلا مقابل؟ تقول ملاحظة المراجع إن المذكورة غير مقيَّدة في وظائف الوزارة «حَسَناً».. لا بد من معالجة لوضعها بأي صيغة لا تتعارض مع اللوائح المالية.. الوزير صادق على صرف دعم أو معونة لأحد المواطنين لمقابلة مصروفات تعليم أبنائه وهذه «حالة خاصة» يقوم المسئولون في الدولة بالتعامل معها وتقدَّر كل حالة بقدرها.. وليس في الأمر عجب!!.. الوزير طالب بنثريات «عهدة مالية» تحفظ لدى المدير التنفيذي وتزال بالمستندات.. المراجعه الداخلية رأت جدولتها .. أين هي «عاصفة» المخالفات المالية التي تواجه الوزير كما جاء في الصحيفة التي حصلت على الوثائق «طازجةً».. صدرت يوم الخميس ونُشرت يوم الجمعة!!.. هل نقول إنها المؤامرة؟ أم هو الإستهداف؟ وهل كان هذا التشهير سيكون نصيب الوزير لو كان من منسوبي حزبنا الحاكم المؤتمر الوطني؟ وفي الذهن أسماء كثير من الموظفين.. «مجرد موظفين» أصبحوا من كبار رجال الأعمال الأثرياء مع حفظ الأسماء.. وهل الوزير عثمان عمر الشريف قد إبتدع تشغيل أحد أقربائه في مكتبه؟ أم أن الواقع يقول بغير ذلك والأمثلة تجل عن الحصر ؟!.. أم أن الأمر في حقيقته معركه شخصية قادها «موظف صغير» تقرر نقله خارج الوزارة.. «فباع الترام» للصحيفة.. التي آثرت الاثارة على المهنية.. وأنا هنا ألوم أخوتي وأصدقائي وزملائي.. والما دَارَكْ ما لَامَكْ.. ولست في معرض الدفاع عن الوزير السياسي المخضرم.. والقانوني المحنك. والذي يملك لساناً «يحش الحلفا ويطهِّر ال.....» لكنني أثبت موقفي ضد «الانتقائية» في القضايا الكلية .. وضد قلب المعايير رأساً على عقب.. إذا سرق الضعيف تركناه.. وإذا سرق «الشريف» أقمنا عليه الدنيا!! عثمان عمر الشريف لم يسرق لكنه خاطب الوكيل وأتَّبع السلسلة المستندية!! لكن الذي سرق بحق وحقيقة وأفشى أسرار مكتب الوزير بقصد التشهير به هو الموظف أو «الموظفة» التي أو الذي سرّب الأوراق.. وهو من يستحق المحاسبة والمحاكمة إذا لم تتمسك الصحيفة.. بحقها في الحفاظ على سرية المصادر!!.. كان قاضي المحكمة العليا مولانا عبد المجيد إدريس طالباً في كسلا عندما وصلت إلى يد أحد المعلمين «كراسة» كان يكتب فيها أحد الطلاب «خواطره» وبعض أبيات الشعر والأقوال المأثورة.. وكان جميل الخط وفناناً.. ومن بين ما كتبه ذلك الطالب في كراسته كلاماً فيه تهديد للمعلم الذي حصل على الكراسة وسلمها للناظر الذي قرر معاقبة الطالب على تلك الخاطرة أمام الطابور .. فهتف عبد المجيد بأعلى صوته «ظُلم ظُلم ظُلم» فناداه الناظر وسأله «أين الظُلم؟» فقال عبد المجيد :- فلان ده كتب هذا الكلام لنفسه في كراسته ولم يفعل غير ذلك.. المذنب هو الطالب الذي سرق الكراسة وقرأ ما فيها وسلمها للأستاذ .. ربنا ما بيحاسب على النية».. لكن ما كان الناظر ليرضخ لتصويب هذا الطالب «المفعوص» عبد المجيد الذي نال علقةً ساخنةً على هذا الرأي الصائب وعوقب كذلك صاحب الكراسة.. ووصل عبد المجيد صاحب الوجدان السليم والشجاعة الفائقة لأعلى درجات السلم القضائي .. «قاضي بالمحكمة العليا» * أنا أقدم إعتذاري الشخصي للأستاذ عثمان عمر الشريف لما ناله من أذىً وتجريح.. وأرجو أن يتسامى فوق جراحه فالكبير كبير .. وقَدَر الكبار أن يحتملوا صغائر الصغار .. هسع نحنا في شنو !!.. الله يهوِّن القواسي. وهذا هو المفروض