طرحنا هذا الموضوع لقناعتنا أن الحل من الخارج أصبح شبه مستحيل لعدم وجود ضوابط معيارية للحركات التي أصبحت تزداد بتوالٍ هندسي مثير وفي هذا الحال فإن المرجعية الوحيدة القادرة على التصنيف الحقيقي لماهية الحركات هي الرجوع الى الأرض التي فيها الكلمة الفصل بشكل واضح. ثانياً: في تقديرنا إن الحركة إضافة الى وجودها العسكري من الضروري أن تكون لها مساحة وشعب مرتبط بها ومن هنا فإن أي حل لا يلامس متطلبات الفئات المكونة للحركة وفق هذا التصنيف يعتبر حلاً ناقصاً ولهذا إننا عندما دعونا في السابق الى الحل الداخلي كان هدفنا هو إشراك جميع فعاليات المنطقة المعنية حتى يكون للاتفاق صدى ومعنى وفوائد محسوسة أمنياً واقتصادياً وتنموياً بعكس الاتفاق مع الحركات المتجولة أو تلك التي صنعت في الخارج فإن الاتفاق معها ليس له مردود على الأرض ولا يجلب استقراراً. ثالثاً: إننا نبحث عن سلام يؤسس لعلاقة صحيحة مع الدولة السودانية فيه تتمكن الأطراف ذات العلاقة من تطبيق ما تم الاتفاق عليه ووضع خطط لمستقبل المناطق يسهم فيها الجميع كل حسب دوره للقضاء على مسببات الصراع والتمرد واشراك الجميع في رسم سياسات البناء ومشاريع التنمية واعادة الاعمار التي تشكل الضمانة الحقيقية لعدم العودة الى العنف وتجاوز دوافعه ومسبباته. رابعاً: إشراك المقاتلين في حل المشكلة ومعرفة تفاصيل أهدافها، وهذا لا يتأتى إلا ببرنامج الحل من الداخل الذي هم فيه شركاء فاعلون ومن ثم ملزمين بتطبيقه بعكس اتفاقات الخارج التي ليس لهم دور فيها واحياناً لا يعرفون حتى تفاصيلها الأمر الذي يجعلهم لا يكترثون لها وإذا لم يقاوموها علناً فإنهم لا يحرصون على سلامتها أو الدفاع عنها، فالمقاتل عنصر أساسي في إرساء دعائم السلام وهذا لا يتأتى إلا بمشاركته في تفاصيل الإتفاق الذي يعنيه بالدرجة الأولى وهو المستفيد الأول من توقف الحرب. خامساً: المواطنون عنصر أساسي في الاستقرار الدائم وأي اتفاق لابد أن يلبى بعض مطالبهم وحقوقهم حتى يسهموا فيه بفعالية، واتفاقات الخارج قد لا تتضمن مثل هذه الهموم العامة ولاشراك المواطنين في الحل والمحافظة عليه يجب ان تتاح لهم فرص المساهمة في بنائه ومن ثم إلزامهم بالمحافظة عليه، وهنا يجب التمييز بين أولئك العاملين مع النظام خلال فترة الصراع وهم قلة وبين الجموع التي كانت مواقفها للمتمردين أقرب، أو تلك التي وقعت ضحية للصراع بين أولئك وبين هؤلاء ، فالمواطنون في كل الاحوال لا يريدون وعوداً بل يريدون خدمات واضحة وسلة الاحتياجات كثيرة جداً من مياه، مدرسة، مستشفى، طريق، كهرباء.. فالمجال واسع للاختيار. سادساً: معسكرات النازحين مهمة جداً ولا يستطيع أحد الادعاء بامتلاكه لارادتها الكلية وهي منظمة بشكل جيد شئنا أم أبينا ونحن نستطيع أن نضع نصوصاً انشائية عامة نؤكد فيها التزامنا بمبدأ التعويض العادل الفردي والجماعي وعودتهم الى مواقعهم الأصلية وتشييد ما دمرته الحرب من قرى وممتلكات هذا على المستوى النظري، أما على الصعيد العملي فاننا نفضل ان يتم التعامل مباشرة عبر مؤسساتهم الممثلة لقواعدهم لانهم أكثر قدرة على التعبير عن مصالحهم وتقدير الظروف المحيطة بأوضاعهم تفاوضاً مباشر بلا عزل او إقصاء او إكراه بعيداً عن مزايدات الساسة والحركات الوهمية التي تقتات من معاناة النازحين واللاجئين وتعيش في الفنادق الفخمة بذخاً مفرطاً بلا حساب ، وكل ما نؤكد عليه هنا هو ضرورة الاعتراف بحقهم ومعالجة الأمر معهم بدون وساطة وهذا ممكن اذا التزمت الحكومة الصدق في التوجه والابتعاد عن سماع ما يرضيها فقط إذ ان لاصحاب الرأي المغاير الحق في التعبير عن قضاياهم، فهم ربما يكونون على صواب فلماذا لا نسمع الحديث المبكي هذه المرة؟ ونحن سوق نسهم في حل اشكالات بعض المعسكرات التي لنا فيها وجود اجتماعي ، للأسف هذا واقع لا مفر منه. سابعاً: اللاجئون وهم ينقسمون الى ثلاثة أقسام: 1- هناك مجموعة قد لا ترجع الى موطنها الأصلي لاعتبارات كثيرة لان المواقع عملياً غير مهيأة لاستقبالهم من جديد بتلك الصورة التي خرجوا بها في السابق وهؤلاء هم لاجئو غرب دارفور الموجودين جنوب مدينة أدري وما حولها وهم العدد الأكبر فبعض هؤلاء عودته مستحيلة. 2- لاجئو شمال دارفور هؤلاء عودتهم ممكنة بمجهود قليل وذلك لأن مناطقهم لم تمسسها يد غريبة، ووجود القوات الحكومية التي تشكل عائقاً أمام عودتهم يمكن أن تتم معالجته بصورة ترضي الطرفين: الحكومة ومواطني المنطقة وهنا أيضاً الرغبة الاكيدة من قبل الحكومة تلعب دوراً حاسماً في علاج الأزمة. 3- الاعداد المتناثرة في الشتات وهم الذين يمثلون العائق الأكبر أمام حل قضية دارفور لأنهم امتهنوا حرفة التدجيل على الحكومة وعلى العالم أيضاً من خلال موائد التفاوض المتعددة. هؤلاء السلام من الداخل سوف يحسم أمر تدخلهم بشكل قاطع و(الموية تكضب الغطاس) كما يقول المثل، وهنا الدعوة مفتوحة للجميع. هذه هي دوافعنا للتوجه للحل المباشر من الداخل وطرح نداء الاعتماد على الذات وهو مسؤولية مشتركة حكومة ومعارضة ونحن قد حسمنا خيارنا الذاتي بعد فشل موائد الخارج المتعددة التي لم تنتج شيئاً غير الانقسامات وما نصبو اليه هو اقرار النظام بحق الآخرين معه في الوطن واستعداده للتعامل معهم بقلب مفتوح. * رئيس/ حركة تحرير السودان قيادة الوحدة نقلاً عن صحيفة الرأي العام السودانية 3/3/2011م