تشهد العلاقات المصرية السودانية انفراجه ملحوظة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، بعد جمود خيم سنين طويلة في فترة الحكم السابق بين البلدين، الزيارات المتبادلة بين مسئولي القاهرةوالخرطوم بعد الثورة تؤشر إلى قدوم صفحة جديدة من العلاقات سيكون تنفيذ الإتفاقات فيها هو العنوان الأبرز، ويعزز هذا التصور وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر بما يسهل من التواصل مع المؤتمر الوطني بالسودان، في حين أنه يشكك البعض في تطور العلاقات في وقت قريب لإنشغال القاهرة بأوضاعها الداخلية بعد الثورة، الخرطوم من جانبها متفهمه لوضع القاهرة في مرحلتها الحرجة، الآن بعد تجاوز مراحل واجراءات مهمة في مصر بعد الثورة يترقب الجميع حدوث طفرة نوعية في العلاقات، وتأتي زيارة وزير الخارجية علي كرتي للقاهرة مؤخرا بداية لتحريك فعلي لملفات وبروتوكولات موقعه على الورق بين البلدين، وتم بالفعل تحديد موعد لافتتاح الطريق الشرقي للنيل في الثاني والعشرين من الشهر الجاري وبافتتاحه ستنتقل العلاقة بين البلدين إلى مرحلة من التواصل البشري لم تشهدها مصر والسودان، ومايشجع على ذلك وجود نخبة في البلدين ترغب في علاقات حقيقية وتكامل. كرتي أتى إلى القاهرة لتحريك الملفات الساكنة " أفريقيا اليوم" التقت كرتي على هامش الزيارة وكان لنا معه هذا الحوار. ماهو الهدف لزيارتك لمصر؟ الهدف هو استعراض عدد من الملفات الإقتصادية والأمنية والتعاون المشترك بين القاهرةوالخرطوم، خاصة مع انتهاء الفترة الانتقالية، وتولى الرئيس محمد مرسى السلطة فى مصر، واستعرضنا أيضا مع المسئولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس محمد مرسي ملفات التعاون الثنائى المشترك، والخلاف بيننا وبين جوبا، وكذلك إتفاق البترول الذى وقع بين البلدين، بالإضافة إلى عدد من الملفات الأمنية، واستعراض الوضع فى دارفور وولاية النيل الأزرق، وتحدثت مع الرئيس مرسي آليات تشجيع المستثمرين المصريين لإقامة مشروعات زراعية فى السودان عامة، وفى الولاية الشمالية على وجه التحديد، خاصة أن كافة المقومات اللازمة للزراعة متاحة، وأن الطريق البري الذي سيتم افتتاحه في الثاني والعشرين من الشهر الجاري بحضور النائب الأول علي عثمان طه ورئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل وعدد من مسئولي البلدين، وهذا الطريق سيسهل عملية النقل للمنتجات الزراعية من السودان لمصر، والأهم من ذلك سيساعد على التواصل الإجتماعي بين البلدين وهذا بالتأكيد سيعمل على ترابط العلاقات بين شعبي وادي النيل، كما أن هناك ترتيبات لإقامة منطقة صناعية مشتركة بين مصر والسودان. هل اتفقتم على ميعاد للجنة العليا المشتركة بين مصر والسودان؟ - اللجنة العليا ميعاد اجتماعها تأخر أصلا بسبب الثورة في مصر، وماانتهت اليه من انتخابات واجراءات، ميعاد اللجنة ممكن يحدد في أي وقت ولكننا رأينا تأجيلها حتى نستطيع أن نفتح الطريق البري بيننا، وأن تكون هناك إجراءات كثيرة قد إكتملت بتوقيع البروتوكول وإفتتاح المعابر والطريق، وعندما يلتقي رئيس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل بالنائب الأول علي عثمان محمد طه ليستطيعا تحديد الزمان المناسب لعقد اللجنة العليا المشتركة. هل لمستم رغبة صادقة من القيادة المصرية لتطوير العلاقات مع السودان؟ - القيادة المصرية الجديدة لديها إصرارا وعزيمة على النظر بجدية للسودان، وطى صفحة العلاقة الفاترة التى كانت بين القاهرةوالخرطوم طوال عهد النظام السابق هذا مااكده لنا الرئيس مرسي والمسئولين المصريين. تردد أن لديكم خطة لتسوية الوضع في سوريا هل ناقشتم هذه الخطة في لقائكم بالأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي؟ - نعم لدينا خطة لتسوية الوضع فى سوريا بهدف إنهاء الأزمة، ووقف نزيف الدم السوري واتفقنا مع الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أنه سيتم عرض هذه الخطة فى الاجتماع القادم لوزراء الخارجية العرب، خاصة بعد أن تم قطع الإتصال بين الجامعة العربية والحكومة السورية، وتتضمن خطة السودان لإنهاء الصراع فى سوريا الحوار مع الحكومة السورية، وأنها لا بد أن تكون جزءًا من الحل. هل هناك تخطيط لزيارة قريبة لمرسي إلى السودان؟ السودان يرحب بزيارة بالدكتور مرسي في أي وقت، ولكننا نعلم تماما تولي المسئولية في مصر في هذه الفترة الحرجة يلقي على القيادة أعباء ومسئوليات كثيرة، بالنسبة لزيارة مرسي للسودان نحن نسعى لأن تتم بعد إفتتاح الطريق وبعد زيارة رئيس الوزراء وفي أي وقت هو مرحب به جدا بالسودان. هل وفاة رئيس الوزراء الأثيوبي ملس زيناوي ستؤثر على شكل العلاقات بين الخرطوموأديس أبابا؟ - علاقة السودان بأثيوبيا علاقة مستقرة، صحيح رئيس الوزراء السابق ملس زيناوي كان له دور كبير في استقرار هذه العلاقة، ولكنها أصبحت سياسة مقررة في أثيوبيا، وتبديل المسئولين في تقديرنا لن يغير شئ، على وجه الخصوص رئيس الوزراء الجديد باثيوبيا كان نائبا لرئيس الوزراء وكان وزير للخارجية وعلاقتنا به كانت جيدة جدا، ومااستمعنا له بعد وفاة ملس زيناوي يطمئن على أن علاقتنا باثيوبيا مستقرة، وأنه الرئيس الجديد شخصيا سيكون على نفس طريق ملس زيناوي من علاقة جيدة مع السودان. ألستم قلقين على سير المفاوضات بينكم وبين جنوب السودان في أديس أبابا بعد وفاة ملس زيناوي؟ - على الاطلاق لسنا قلقين على سير التفاوض، لأن دور أثيوبيا هو دور محوري صحيح كان ملس زيناوي له دور كبير لكنها سياسة أثيوبية مستقرة. تم إعلان رقمين لسعر نقل بترول جنوب السودان عبر الخرطومجوبا قالت انه -لايتجاوز 12 دولار وانتم قولتم أنه 25 دولار؟ - هذا تلاعب بالأرقام ال 25 دولار لنقل البرميل عندما طرحت من البداية من الحكومة كانت تحمل في طياتها الترحيل واستخدام المنشآت، وهم يفي جنوب السودان يردون أن يسوقوا لأهلهم أنهم استطاعوا تحقيق رقم يناسبهم هم. مقاطعه ماهو الرقم الدقيق إذن؟ - الرقم هو 7و25 متى سيتم إستكمال التفاوض بينكم وبين جوبا؟ التفاوض سيستكمل قريبا فهو تم تأجيله بسبب وفاة ملس زيناوي. ماهو توقعاتك لسير التفاوض مع دولة الجنوب؟ - نحن نتفاوض مع دولة تستضيف متمردينا، ولديها علاقات جيدة باسرائيل، وأنا لا أنسى عندما كنا نحضر احتفالاتهم بالانفصال في جوبا كان يجلس بجواري شخص غير معروف، وكان يهتف كل لحظة فسألته اراك مهتم جدا ولديك علاقة وثيقة، فقال لي أنا من الثمانينات موجود بجنوب السودان ومتزوج من جنوبية، واخرج لي كتاب وبه خطاب سلفاكير، ونحن المنظمة تؤيد سلفاكير وأنا مدير هذه المنظمة لمدة 15 عام وانا كنت اعمل مع الجنوبين كنت آتي بالغذاء والسلاح، فقولت له يعني منظماتكم كانت تدعم التمرد حتى بالسلاح؟ قال حتى بالسلاح، أشياء كثيرة جدا السودان تعرض فيها لهجمة، ساعدت فيها هذه القيادات التي تتولى المسئولية بجوبا، ومع أن المواطنين العاديين لم يدركوا أبعاد هذه الأشياء، وأدى الحال إلى إنفصال، فرأينا من الأفضل الانفصال وأن نهنأ بالسلام، وكان لهم ماارادوا وبدأو حرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وبقول أننا بحاجة لتفهم أكثر للمصريين بما يحدث في السودان، وعدم الربط بين الحرب وتولي الحركة الاسلامية الحكم بالسودان، فالحرب بدأت منذ زمن بعيد، ولم تكن تطبق الشريعة على الجنوبيين عندما كانوا معنا، حتى لا يقال أن الانفصال كان سببه تطبيق الشريعة، فهذه حقائق لا يعرفها البعض أو ربما يتجاوزها، نحتاج إلى معرفة أكثر بتاريخ السودان الحقيقي، نحن في الفترة الانتقالية كان لدينا 8 وزارات من الحركة الشعبية، وكان لديهم تعاملات ضد السودان، فكيف لنا أن نتوقع أن يعملوا لصالح السودان وهم الآن أصبحوا قيادات لدولة أخرى، السودان تضرر كثيرا من سياسات جنوب السودان سواء بايواء التمرد أو بالعمل ضدنا، ولكننا نأمل بصدق النوايا وأن تقتنع هذه الأطراف بأن هذا الطريق غير مجد لاستقرار العلاقات فيما بيننا، ونأمل أن يتفهموا ذلك. في تقديرك هل الإتفاق على البترول سيساعد في حلحلة باقي المشاكل العالقة بينكم؟ - بالتأكيد سيؤثر ايجابا، لأن إتفاق البترول لن ينفذ مالم يتم مواصلة موضوعات النقاش، ومالم يتم حسم الملفات الأمنية، هذا مااشترطه السودان قبل ذلك حتى يكون اتفاق البترول معين لإستكمال الملفات الأخرى. هل الإتفاق على سعر نقل البترول مع جوبا سيخفض الزيادات التي فرضوتها على البنزين والجازولين؟ كنا نعلم أن زيادة سعر الوقود سيكون له آثاره على السوق، ولكن هذه مسألة إقتصادية بالدراسة والتحليل، والشعب السوداني متفهم تماما لزيادتنا لهذه الأسعار. والشعب يفهم أن هذه الاجراءات مؤقته، فقد استطعنا عبور بعض الصعوبات، وسوف نستطيع التركيز على موارد أخرى غير البترول، هناك مجموعات تحاول احداث خلل أمني قد تم تجاوزه. ماهي طبيعة العلاقات الآن بين السودان والأممالمتحدة والمجتمع الدولي هذه الأيام؟ - استطعنا اختراق أشياء كثيرة مع الأممالمتحدة بواسطة شركاء أعضاء بمجلس الأمن، واستطعنا أن نحسن علاقتنا وإحداث تغيير في كثير من القرارات التي كانت تتخذ تجاه السودان، على قناعة ان السودان تقدم كثيرا، ولدينا قناعة أن السودان في إطار محيطه العربي لديه دوره، وكذلك في المحيط الإسلامي والأفريقي، فقد أصبحت علاقتنا متميزة جدا، وفي تقديري أن أهم قرار اتخذ لصالح السودان كان قرار الجامعة العربية في الدوحة للوقوف بجوار السودان ضد مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية، والجميع فهم تماما أن السودان ليس وحيدا، يمكن التحدي الذي واجهنا كان الانفصال وماترتب عليه، ولكنه جعلنا نركز في الزراعة والتعدين والذي أخذ خطا آخر، واذا تم بهذه الطريقة مع نهاية العام القادم سنكون عوضنا مافقدناه، وهنالك حقول بترول بدأت تنتج في السودان وسوف يكون له تأثيره على إتعاش الإقتصاد. إلى أي مدى وصلتم في موضوع الحوار الوطني والدستور السوداني؟ هذا الحوار أصلا مفتوح منذ إنفصال جنوب السودان، وأدى إلى دخول 17 حزب بالحكومة الحالية والحوارحول الدستور هو جزء من الحوار الوطني ومفتوح لجان كثيرة لنقاش موضوع الدستور الجديد الآن، والسؤال أصلا هل هناك حاجة لدستور جديد أم حاجة إلى اصلاح الدستور السابق لأنه كان إنتقالي وكان قائم على السلام مع جنوب السودان، هذا كله مطروح للإعلام والمفكريين وممثلي القوى السياسية المختلفة. يتردد كثيرا بأن هناك مبادرة عربية للتقريب بين المؤتمر الوطني والشعبي. هل وصلتكم هذه المبادرة؟ - ليس هنالك مبادرة من هذا النوع. المصدر: موقع أفريقيا اليوم 2/9/2012م