رحلت عن دنيانا السيدة فاتن حمامة، أكثر ممثلات السينما المصرية شهرة، وأكثرهن قبولاً لدى متابعي الفن السابع.. ليس لأنها ولجت هذا المجال وهي دون التاسعة من عمرها من خلال فيلم (يوم سعيد) الذي كان بالفعل يوم مولد نجم ساطع في سماء السينما العربية والعالمية. علمت بالنبأ مساء السبت من خلال تصفحي لبعض مواقع الأخبار العربية، وكنا مجموعة داخل منزل السيد السفير علي يوسف بالخرطوم، نحتفل بوداع السيد السفير محيي الدين سالم الذي يغادرنا خلال أيام سفيراً لبلادنا في دولة الكويت. كان الحفل جامعاً وكنت إلى جانب أستاذنا الكبير الدكتور إبراهيم دقش، وقد نقلت إليه النبأ الحزين ورأيت مدى أثره عليه، ثم أردت الاستيثاق أكثر فسألت سعادة سفير مصر في السودان السيد أسامة شلتوت فأكد صحة الخبر. فاتن حمامة التي أمضت نحو خمسة وسبعين عاماً متفرغة للفن ما زالت بعطائها المميز الذي تجاوز التسعين فيلماً وعدة مسلسلات، ما زالت أحد أرقام هذا الفن، وقد عرفها السودانيون مبكراً، ومنذ فيلها الأول وهي طفلة مع الموسيقار الراحل محمد عبدالوهاب في أوائل أربعينيات القرن الماضي، ثم تابعوا عطاءها الفني وأحبوها، بل إن شاعراً كبيراً هو الأستاذ عبدالرحمن الريح أعجب بها من خلال مشاهدته لأحد أفلامها منتصف الأربعينيات، فكتب واحدة من روائع الغناء السوداني بعد أن انتهى عرض الفيلم وجاءت كلمة النهاية.. كتب عبدالرحمن الريح الأغنية، ولحنها عبقري الغناء السوداني كرومة، لتكون آخر ما لحنه وغناه كأنما أراد أن يودع بها الدنيا، وسارت بين الناس.. ولا أحسب أن النجمة الكبيرة قد سمعت بالقصيدة أو الأغنية أو النجاح الذي صادفته، وكيف أنها أصبحت إشارة النهاية في الحفلات الغنائية بالسودان. الشاعر لم يخفِ اسم فاتن حمامة، بل أشار إليها إشارات مباشرة.. وقال:- ظللت جوك الغمامة.. طيري في جوك المعطر وانشدي شعرك المسطر.. قولي للشادن المبطر زيد دلالك وزيد وسامة إلى أن يقول في إشارة لفن التمثيل:- أنشدي شعري بين دورو .. علو يذكرني في خدورو أوعى يلعب عليكي دورو .. وأسأليه عن المحبة ثم يختم ب:- الجمال يا حمامة فاتن فيك أروع من المفاتن كل من يعشق المفاتن قل أن يوجد السلامة .. ونحن نقول: مع السلامة.. يا حمامة ظللت قبرك الغمامة ونسأل الله لها الرحمة والمغفرة فقد كانت أسطورة حقيقية في الموهبة والأداء.