إنت يا الخصخصوك !! كمال كرار اركب حافة أو أمجاد أو " باص " من أي حتة واحرص علي أن يمر بشارع السكة حديد بالخرطوم وانظر في اتجاه الشمال الجغرافي عندما تقترب من كوبري المسلمية ستشاهد حتماً لافتة كتب عليها المستشفي الجنوبي الخاص . هذا المستشفي الخاص يوجد في موقع ما كان يعرف سابقاً بالجناح الجنوبي لمستشفي الخرطوم الحكومي . واركب أي مصيبة تمر بمستشفي أم درمان وانظر إلي ركنه الشمالي الشرقي لتجد لافتة تشير لمنشأة صحية خاصة تسمي البقعة . أما في مستشفي بحري الحكومي فقد " نبت " ما يسمي بالمركز التشخيصي المتطور في الجهة الغربية من المستشفي وهي موقع استراتيجي فاتح في " الزلط " . وفي الأقاليم مراكز صحية كانت حكومية أصبحت الآن ملكاً لأفراد عن طريق عقودات أو اتفاقات . وفي حلة حمد يعلن التخطيط العمراني وليس وزارة الصحة عن عطاء لتأهيل المركز الصحي وسط تكهنات الأهالي . ماذا استفاد الرأسماليون " الصحيون " من هكذا استثمارات داخل منشآت صحية حكومية قائمة . لقد وفروا علي أنفسهم دراسة الجدوى والتصديقات الأخرى المرتبطة بها . ووفر معظمهم تكلفة المباني الجديدة والتجهيزات اللازمة لجهة أن أعمالهم الخاصة قامت داخل مباني جاهزة ومعدات موجودة . كما وفروا تكلفة التوصيل الكهربائي والمائي والأعمدة المليونية باعتبار أن هذه الخدمات أصلاً موجودة . وتم توفير ثمن الأرض “ المليارية " حيث المتر الواحد بسعر خرافي في تلك النواحي المميزة . ووفروا علي أنفسهم تكلفة الدعاية والإعلان لمؤسساتهم الصحية لجهة أنها نشأت في أمكنة تعج بالمرضي من كل حدب وصوب . كما استفادوا قطعاً من الكوادر الطبية المميزة بالمستشفيات " التي دخلوا عليها " وربما أقنعوها بترك العمل في المستشفيات الميري بصورة أو بأخرى . وبالطبع فإنهم وفروا ما كانوا سيدفعونه لقاء تجهيز البنية التحتية لمؤسساتهم الصحية من شوارع ومجاري تصريف وخلافه . هذه هي الفوائد المنظورة علي الأقل من كونهم أقنعوا من بيدهم القلم علي اقتطاع أجزاء مميزة من مستشفيات حكومية لصالحهم بهذه الحجة أو تلك . وتوجد فوائد غير منظورة أيضاً يمكن أن نجملها في التسهيلات التي يمكن الحصول عليها جمركياً وضرائبياً وما إلي ذلك . إذن حصل هؤلاء علي فوائد جمة ، تتحول إلي أموال سائلة وأرباح أو أسهم ما كان لهم أن يحصلوا عليها لو لم يكونوا قد فكروا في الأمر علي هذا النحو . الآن نسأل ماذا استفادت وزارات الصحة " الولائية والاتحادية " من هذه " الجغمسة " وكم حصلت وزارة المالية من أموال نتيجة الاستثمارات " الجوانية " . إلي أن تأتي الإجابة بعد عمر طويل فإنها " جغمسة " و"دغمسة " أفيدونا ولو بي همسة . الميدان