ستشيرني د. محمد منصور الهدوي من الهند قائلاً: أريد أن أكتب مقالاً أنشره في مجلة عربية، فهل أكتب عن التسامح في الإسلام؟ يعيد سؤال الهدوي إلى الخاطر قصة مسؤول الثقافة عندنا الأستاذ إدريس البنا عندما ذهب إلى كردفان ووجد المطربين هناك يرددون أغاني العاصمة ويغنون لوردي وعثمان حسين. قال لهم: إنتو عندكم إيقاعات أصيلة وجميلة جدًا في كردفان، احملوا هذه الألحان إلى أنحاء السودان، بل إلى العالم، فهي جديرة بذلك؟ قلت للهدوي – هداه الله – حاول الاطلاع على جميع كتب الرئيس الهندي السابق أبوبكر عبد الكلام، وامنحنا شيئًا من حكمته. لم يقصِّر صاحبنا الهدوي فقرأ الكتب وعرض علينا مقالاً رائعًا، نقرأ هنا فقرات منه: وقع الاختيار على العالم أبوبكر أبو الكلام ليكون رئيسًا للهند عام 2002م، فبادر إلى تشكيل فريق من أفضل العقول التي أنجبتها الأمة الهندية وعمل معهم لإعداد الرؤية الإستراتيجية الهندية حتى عام 2020. قامت الرؤية على ثمانية عناصر اعتبرت هي عناصر القوة لمستقبل الهند، وقد وضع الرئيس ملخصات هذه الرؤية لاحقًا في كتاب مهم حمل عنوان: (إشعال العقول: إطلاق العنان لقوة الهند)! وعندما اكتملت الرؤية التي أرادها، قام بزيارة صديقه ومعلمه الراهب (سوامي). وعرض عليه ما توصل إليه هو وفريقه، فأبدى الراهب الحكيم رضاه عن هذا الإنجاز ولكنه قال للرئيس: لقد فكرتم بكل شيء ووضعتم تصوراتٍ فائقة لكل شيء باستثناء شيء واحد. وهذا الشيء هو الوحيد الذي يمكن أن يجعل لكل هذه التصورات والرؤى معنًى وحقيقة وجدوى! إنه العنصر الأهم الذي يستطيع وحده أن يجمع بين عناصر هذه الرؤية كلها، بل يجمع بين أفراد وفئات وطوائف الأمة الهندية حتى تستطيع أن تنجز النهضة! تساءل الرئيس الهندي بدهشة ولهفة: وما هو هذا الشيء أيها الراهب الحكيم؟ قال الراهب: إنه الحب يا سيدي الرئيس! أدرك الرئيس الذي يحمل نحو أربع شهادات دكتوراه و(44) شهادة دكتوراه فخرية من أعرق وأعظم جامعات الأرض… أدرك ما يريده الحكيم الهندي فطلب من فريقه إضافة العنصر التاسع لقوة الهند القادمة وهو: الحب. يقول الرئيس عبد الكلام: إن الذين لا يستطيعون العمل بقوة الحب لا يحققون سوى نجاحات جوفاء مهما ظهرت كبيرة لأول وهلة، فالنجاح الذي يقوده القلب ويوجهه الحب هو وحده القادر على نشر بذور السعادة في كل مكان حولنا… لقد قامت أمم وحضارات على أفكار وثقافات متعددة ومتنوعة… ولكن ظل القاسم المشترك الأعظم لكل تلك الأفكار والثقافات والمبادئ والديانات هو الحب… اقرأوا الإسلام وسوف تجدونه يقوم على الحب بين الله وعباده وبين الفرد وربه وبين الإنسان والمجتمع وبينه وبين الطبيعة من حوله! واقرأوا المسيحية فسوف تجدون من أعظم مبادئها الحب، ومن أعظم آياتها (الله محبة)! ويضيف عبد الكلام: الحب هو الشيء الوحيد الذي يزيد كلما أعطينا منه. وهو الشيء الوحيد الذي يصبح أكبر وأعظم كلما اقتسمناه. وهو الشيء الوحيد الذي نحتاج إليه لإنجاز كل شيء، وصناعة كل شيء وبناء كل شيء! الحب هو الزيت الذي يملأ مصباح الحقيقة… الرئيس عبد الكلام نرجو أن يكون ممن آتاه الله (حكمًا وعلمًا). ففي القرآن الكريم: "ولما بلغ أشده آتيناه حكمًا وعلمًا وكذلك نجزي المحسنين"، بالنظر في أحوال الأمم حولنا، نرى شعوبًا حظيت برؤساء ملهمين؛جمعوا بين الحكم والعلم، فتقدمت هذه الأمم ونهضت. فاللهم نسألك أن تمنحنا في السودان من آتيته حكمًا وعلمًا، حتى يرفع عنا سياسة الكراهية، وينشر بذور السعادة في كل مكان… آمين.