ينشئ قرار منح اللجوء نظاماً قانونياً للاجئ تحدد فيه حقوق اللاجئ وواجباته وعلاقة دولة الملجأ بدولة اللاجئ بسبب اللجوء. واجبات اللاجئ: أ/ الامتناع عن أي نشاط معادي للدولة التي فر منها بشكل خاص، أو ضد أي دولة أخرى بصفة عامة. ولكن اللاجئ يمكنه التمتع بالحريات النقابية وبعض الحريات السياسية كحق التعبير والتفكير وفقاً للمادة (7) من إتفاقية كاراكس، بحيث لا يتضمن تمتعه بهذه الحقوق المساس بدولته. ب/ احترام الأوضاع والقوانين السائدة في دولة الملجأ، وتجنب الإضرار بمركزها وعلاقتها مع الدول الأخرى، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة الملجأ. وقد أكدت على ذلك المادة الثانية من اتفاقية جنيف عام 1951م، والمادة المضافة في مؤتمر 1977م إلى مشروع الخبراء والتي افترضتها النمسا. ج/ الإسهام في الأعباء العامة: ففي فرنسا مثلاً يخضع اللاجئون من الناحية المالية للقانون العام، إذ قرر قانون 7 يناير 1959م خضوع الأجانب المتمتعين بحق اللجوء (للخدمة الوطنية) أي الخدمة العسكرية والدفاعية.. وقد أخذنا فرنسا كمثال بوصفها أولى الدول المضيفة للاجئين، ونشأ فيها تقليد ثابت بشأنهم. واجبات دولة الملجأ: أ/ معاملة اللاجئ بمعاملها لمواطنيها في بعض الشؤون، ومنحه حرية الدين والتعليم، وعدم التمييز ضده بسبب جنسيته أو دينه، وألا تقتص من دولته في شخصه، بيد أن دولة الملجأ يمكنها لظروف تتعلق بأمنها القومي أن تتخذ ضد شخص معين من اللاجئين إجراءات استثنائية لحين البت في حالته. ب/ الوضع الشخصي للاجئ يحكمه قانون دولة المواطن، فإذا لم يكن له موطن حكمه قانون دولة المقر. ويتعين على دولة الملجأ احترام الحقوق المكتسبة اللاجئ بشأن وضعه الشخصي، خصوصاً حقوقه المتعلقة بالزواج. ج/ وبالنسبة للمنقولات والعقارات الخاصة باللاجئ، فلا يجوز أن يقل وضعه في شأنها عن وضع الأجانب المقيمين في دولة الملجأ، ولكن اللاجئ يجب أن يتمتع بحقوق المواطنين في مجال حقوق الملكية الفنية والصناعية. أما بالنسبة لحق العمل والاستخدام الخاص والمهن الحرة، فيعامل معاملة الأجانب، وهكذا يُعامل اللاجئ معاملة المواطنين في بعض المجالات، ومعاملة الأجانب في مجالات أخرى، فمن قبيل تمتعه بمعاملة المواطن مسائل التموين والرعاية العامة وتشريعات العمال والتأمينات الاجتماعية، والعدالة واللجوء إلى القضاء والمساواة في الأعباء المالية العامة بالمواطنين، ويلقي معاملة الأجانب في مسائل الإسكان وحرية التنقل وهكذا. د/ولا يجوز طرد اللاجئ إلا لاعتبارات النظام العام والأمن القومي، وللاجئ حق لاستئناف ضد مثل هذا القرار في محاكم دولة الملجأ، أما إذا انتهى الأمر بطرده فيجب منح مهلة معقولة يرتب خلالها لنفسه في بلد ثالث. والراجح أنه لا يوجد قيد قانوني دولي حالياً على تسلطات الدولة في طرد اللاجئ، سوى الاعتبارات الإنسانية، وإن كان هناك بعض القيود الاتفاقية في هذا الصدد لا يتسع المجال لذكرها. ه/ أما بالنسبة لحق اللاجئ في ضم أطفاله وأسرته إليه، وتحقيق الالتئام العالي، فلا تسلم الدولة به إلا وقف نظامها وقوانينها. و/ إذا كان يجوز طرد اللاجئ ورده لاعتبارات الأمن والنظام العام، فإنه لا يمكن أن ينازع في مدى سلطة الحكومة في انتهاك هذا المبدأ الدستوري. أما معاهدة التسليم فلا يحق للأفراد الاحتجاج بها لصالحهم.. وقد استقر القضاء الفرنسي على أن هذه المعاهدة من أمور الإدارة العليا. ز/ ومن ناحية الدول الأخرى، فكما نلتزم دول الملجأ بأن تراقب نشاطه الضار بغيرها، فعلى هذه الدولة خاصة دولة اللاجئ أن تحترم حق دولة الملجأ في منح اللجوء، على أن دولة الملجأ ليست ملزمة بالإعلان عن من لجأ اليها، وليست ملزمة بتسليم الحكومات الأجنبية وثائق خاصة باللاجئين اليها، كما سار التقليد الفرنسي على رفض تسليم رفاة اللاجئين السياسيين إلى دولهم الأصلية. نخلص مما تقدم إلى أن تمسك الدول بسيادتها وعدم إرتياحها وأطمئنانها تماماً إلى اللاجئ السياسي، قد عرقل نشوء قواعد قانونية موضوعية تنظيم مسألة اللجوء، وخاصة السياسي منها، وقصاري ما انتهى اليه التطور في هذا الصدد، هو إقناع الدول بتقديم بعض الضمانات والتسهيلات للاجئ، على أساس إنساني، ولا يزال وضع اللاجئ محكوماً باحكام القوانين والتشريعات الوطنية، وكذلك يتضح أن تمسك الدول بسياستها في مسائل اللجوء، قد أدى إلى عدم اعتراف معظمها باللجوء الدبلوماسي، لأنه يمثل انتقاضاً من سلطاتها على أراضيها مقر البعثات الدبلوماسية، ولذلك لا توافق إلا على اللجوء الاقليمي، وحتى هذا الأخير فشلت في الاتفاق على حد أدنى لتنظيمه، ولا يزال اللجوء الدبلوماسي محصوراً في إطار دول أمريكا اللاتينية لظروف خاصة بها. üلواء شرطة متقاعد مدير إدارة المباحث الجنائية المركزية الاسبق