سألتُ الكونَ عما أصابه وماذا به؟ وماذا جري؟ ومالي أري الطيرَ باكياً وهو مضّجرْ؟ فغادر الجبال والشجرْ؟ ولِمَ لا أرى النجْم ساطعاً كعادته؟ أين اختفي؟ أين ارتحلْ؟ ولِمَ لمْ يعُدْ له أثرْ؟ ومالي أرى الحزنَ قد عمّ الوجود فخيم الظلامُ وانتشرْ؟ أجابني وهو يلطم خدّيه وقد زاغ البصرْ! أجابني وليْته لمْ يجبْني: لقد سُبَّ القمرْ!! نعم إنّ قوما سبّوا القمرْ!!, فقلتُ والفؤاد ينْكر الخبرْ: هل ذاك حقا فيك قد صدرْ؟ وفي حق سيد البشرْ؟ , وأنت يا كون تري كل الذي جري؟ فكيف يفلح قومٌ سبوا سيّد البشرْ؟! وعلام يسبّوه ؟ أليس الذي ملأ السماء فوقهم بُشَرْ؟ فأنجاهم بهديه من كلّ خَطرْ؟! يا للعجبْ! يا للهول! يا للكبرْ! يا للكبرْ! أليس الذي لولاه ما اهتدينا ؟ ولا عمّنا من دونه فرحٌ ولا سَمَرْ؟ فمنه ارتشفنا الحكمة والعبرْ, وحُسْنه قد طلّ فينا وازدهرْ, فكان أبدعْ وألطفْ من بريق الدررْ, وازدانت به الأرض حين ظهَرْ, فأراح الوجود من الظلام والضلال والفجور والحفرْ, فواحسرتاه وواأسفاه يا بشرْ إن سبّ فيكم سيد البشرْ!! فمن الذي نحتمي به يومَ اللظي ويومَ لا مفرْ؟ سلوا عنه كلّ شيئ, سلوا عنه الجبال والحجرْ, سلوا عنه السحابَ والمطرْ, سلوا عنه البهائم والشجرْ, سلوا عنه أنفسكم, من حطّم القيود وحارب الرقَّ ؟ وحرم وأدَ البشرْ؟ فحرّر البشرَ من البشرْ! نعم حرّر البشرَ من البشرْ, ولكن هل من مدّكِرْ؟!