الحوار ركن أساسي من أركان التعايش بين الناس، ويدخل لخلق البيئة المعافاة لحياة متكاملة في مجالات ضروبها المتعددة، ومن المداخل الصحيحة للحوار يبرز مبدأ قبول الآخر بصرف النظر عن جنسه أو سنِّه أو طبقته الاجتماعية؛ وإن أول أدب نتعلمه من فن الحوار ذلك (...)
مساجدُ الله سبحانه وتعالى هي بيوت أذِن الله أن تُرفع مكانتها شكلاً ومضموناً يناسبان الرسالةَ التي أُنيطت بعواتقها وهي تتَّشحُ بثوب التسبيح الموصول آناء الليل وأطراف النهار، فالمسجد بالإشارة إلى السجود يعني العُلوَّ فوق كل الكائنات عن طريق وضع الجباه (...)
كثير من الناس يحملون معتقداً مفاده أن الجنة التي هبط منها أبو البشر آدم عليه السلام وزوجه كانت هي الجنة التي تحدث عنها القرآن الكريم ملاذاً لعباد الله المخلصين يوم الدين، وهذا بالطبع معتقد يجانبه الصواب، ويجافيه منطق واقع الحال، فلو كان هذا الأمر (...)
تتبنَّى الأمم برامج تعليمية تدَّخرها عوناً للنهوض الحضاري في مستقبل أيامها؛ ولكن تضع الأمةُ أقدامها على أرض قوية الحبك لابدَّ لها من استبيان الرؤية الواضحة حول المحاور الثلاثة الشاهرة وهي الوضع التعليمي أين يقف الآن، وإلى أيِّ الأهداف يرمي، وما (...)
إن الإيمان بطلاقة قدرة الله في كونه ترياقٌ لكثيرٍ من المعضلات المادية منها والنفسية التي تعُضُّ نسيج مسار الحياة، وتغُض مضاجع خواطر البشر التي تطوف حول تجاربهم حُلْوِها ومُرِّها؛ فإذا اتخذ الإنسانُ الأسبابَ للوصول لمراداته ولم يتعلق بها مُسلَّمات (...)
الكلمة كائن حيّ تسري في أوصاله الروح، وتشرق من أردانه أضواء المعاني لتهدي المسامع صوراً من ألوان الطيف الجامعة لذرات التكوين، والمانعة من كل لبس أو غموض، وتكون بذلك قد انفردت بذاتها واستقلت عن لداتها؛ وتأتينا في صدر هذا الحديث كلمتان يظن بعض الناس (...)
الجهل اعتقاد وإيمان بقضية باطلة يحاول معتنقوه إقامة الدليل على هذا الاعتقاد الباطل بشتى طرائق منطقهم، ولذا فإن ذهاب بعض الناس إلى فكرة أن الجهل ضد العلم أمر يناقض واقع الحال، فالجهل مدارس كما إن العلم مدارس، وإذا تعمَّق مفهوم وجود مدارس للجهل فإن (...)
للألفاظ العربية لوائح وقوانين تحكم أداءها في داخل أوعية المفردات والتراكيب، وإن اتباع لوائح هذا الأداء وقوانينه يثير الإعجاب في نفس المتلقي ويدفعه لطلب المزيد من هذا الزاد. هذا وللألفاظ من خلال رحلات عطاء المعاني ائتلاف واتفاق على تبادل المقاعد وذلك (...)
تعتورُ الإنسان خلال حياته تجاربُ هي الطَلُّ الثقيل أحياناً، والبردُ والسلام أحياناً أخرى فتذيقهُ الحلوَ والمُرَّ، والأرْيَ والشَّريَ، وعبر كل هذه التجارب تظل عزيمته هي المكوِّن الأساسي لمواقفه، والقالب الذي يمنحه قدرة التَّجاوب مع التجارب سلباً (...)
من المسلَّمات أن طلب الشيء من أصول منبته هو السبيلُ والمنهاج الهادي إلى الفوز بحلوِّ ثمره وحصاد مدرار عطائه الموصول، ولذا فالبحث في كنانة أعواد اللغةِ- تراكيبها ومفرداتها يُضفِي على مشاعر الباحث برداً من الإحساس الممتع، وسلاماً يزرع الثقة بالنفس، (...)
التقوى لغةً تعني صُنعَكَ حاجزاً بينك وبين غيرك لتجعل نفسك بمنجاةٍ مما قد يُحدِثُ لك ضرراً، وتقوى الله تتمثل في إتيان أوامره واجتناب نواهيه، وقد أوضحتها آيات الذكر الحكيم في الفرار إلى صفات الجمال من غفَّار ورحمن ورحيم وسلام وغفور «ففروا إلى الله إني (...)
القولُ بغير علمٍ آفة من آفاتِ المجتمع الضَّارةِ والمفضيةِ إلى تلوُّثِ السلوك، والرحيل بالأمم من مضارب الاستقامة إلى مفازات الضلال والتِّيه، وإن العمل على تجنُّب قول العواهن، وعشوائية الفتوى في الأمور كافةً أمرٌ يجب الدعوة إليه، والعمل على اتباعه (...)
الفسادُ هو كلُّ عملٍ يُنافي فطرة الإنسان التي فطرهُ اللهُ عليها، ويتعدى على نسق مسار الحياة الطبيعية فيتسبب في عطبها، ويتعلق بعقول البشر فيصيب أولويات العمل بشيءٍ من الفوضى، وتتبادل برامجُ العمل المواقع، ويحتلُّ الهامشيُّ مكان المهم، والمهم مكان (...)
الأُمِّيةُ كلمة نطلقها على غير المتعلمين قراءةً وكتابةً، ونسعى إلى مَحوها، ونُقيم لها من المؤسسات ما يلاحقها ويجتثُ جذورها؛ هذا السلوك في ظاهره لا غبار عليه إذا صاحبه التعمُّقُ في معنى الأُمِّية، والعمل على حجب الاسم «محو الأُمِّية» عن طمس معنًى لها (...)
يقولون إن جُحا أراد يوماً أن يستمتع بتضليل المارَّة فقعد على باب داره وتعهَّد السَّابِلةَ بقوله: خلف هذا الطريق، وعلى بُعد ثلاثمائة متر يُقام حفلٌ حفيل، كبير، عامر بألوان الطعام والشراب تُقدَّم للزائرين في أريحية وكرم. يذهب الناس وِفْق إشارة جحا ولا (...)
من ضروب جمالِ لغتنا وبهائها تنهض باقاتٌ من المفردات والتراكيب التي تأسر الألباب والأسماع وتقف برهاناً على ثراء هذه اللغة ومكنون كنوزها الغالية، فمما يثير الإعجاب كلمةُ «النجم» التي وردت في القرآن الكريم ثلاث عشرة مرةً في صيغ النجم والنجوم، وتناولت (...)
نفحات من عبق العقيدة الصافية قد بدأت انسيابها على عدد من ساحات أرض الأبطال الذين شحذوا همم البشر، وجعلوا منها منارات تستمد أنوارها من ضياء مواقع النجوم، وتنشر أريجها مدراراً يعمرُ القلوب ويُنير الشِّعاب والدروب.ارتعدت فرائض الطاغوت عندما رأى عُمَّار (...)
إن كلمة الظلم في معناها اللُّغَوي بصفة عامة تعني وضع الشيء في غير موضعه، ومن ذلك ما أوردتُّ من قول سابق حول المثل (ومن شابهَ أباهُ فما ظلَم)، فالذي يأتي مشابهاً لأبيه قد وضع نفسه في موضعها الصحيح، ولم يَمِلْ بها عن مقامها، والله سبحانه وتعالى في (...)
إن استهداف المعاني عبر مطيَّة المباني ضربٌ من ضروب قدرات الإنسان على امتلاك أسماع المنصتين، وأسْرِ أنظار القارئين، ينساقون إلى ما يُنتج بسحر المظهر ومكنون الجوهر؛ وهذا ما يكون في عالم البشر، أمَّا شأن الذي هو كلّ يوم في شأن فمختلفٌ جدَّاً؛ يضع في (...)
ركنان تستند إليهما نواةُ كلِّ أمة، وهذان الركنان هما الرجل والمرأة، والنواة هي الأسرة، فالأمة التي تعتني بالحياة الأسرية المتماسكة لاريب أنها أدركت أسرار بناء مجتمع يتحَنَّف عن كلِّ عوامل التَّصدُّع وهشاشة الترابط، ويُبحر نحو تقوية أواصر الوحدة، (...)
إذا غاب الحياء وانزوى الشعور بحقَّ الآخر، بل وأحياناً بوجود ذلك الآخر، فإن النفس تصبح وحشاً كاسراً، فاقداً لكل رحمة، لا يرى في الوجود من هو أحق منه في نيل ريع المكاسب، وقد يتعدى الأمر الى اعتداء السلوك عن طريق اعتلاء كتفة غيره كما يقول اللحياني أو (...)
(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (2) العنكبوت هل طافت بعقول البشر خواطر تنبئهم بأن جريان كلمة الإيمان على الألسنة عارية من كل سند، يجعل بينهم وبين الشدائد والتباريح مصدات تقيهم عواديها وعوادي الفتن والابتلاءات، إن كان الأمر كذلك (...)
عاش الأسدُ في صحبة ثيران ثلاثة، وارتدت حياتهم في بواكيرها الودَّ وحسن المعاملة، وبعد مرور زمان من طيب العيش والمعشر داعب الشيطانُ رغبةَ الأسد وحرَّك شهوته لِطعام لحم الأبقار، وسوَّل له الحيلةَ فأقبل على الثورين الأسود والأحمر فقال لهما: أصبحنا الآن (...)
النَّافِقاء دويبةٌ من دويبات الأرض سبقت الإشارةُ إليها من قبل في غير هذا المكان، وهي تحتالُ على طالبي صيدها، وذلك بحفر أكثر من جُحرٍ ومن ثَمَّ تقوم بالاختفاء عن الأنظار لكيلا يدري الباحث عنها من أي جُحرٍ خرجت أو في أي جُحرٍ دخلت، ومن سلوك هذه (...)